حيدر بن عبدالرضا اللواتي *منظمة العمل الدولية يكشف بأن 173 دولة من بين الدول الأعضاء في المنظمة البالغ عددها 183 دولة التزمت حتى الآن بالتصدي على وجه الاستعجال لمزاولة الأطفال للعمل الخطر عن طريق تصديقها على اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال، إلا أن هذه القضية مستمرة. الفقر في العالم دفع الكثير من الأطفال للعمل في مهن وأعمال خطيرة، تؤدي ببعضهم إلى الموت أو إصابتهم بأمراض خطيرة، الأمر الذي يستدعي من المنظمات الدولية كل عام بإصدار تقارير تشير إلى هذه القضية التي تتفاقم في الكثير من دول العالم الثالث. ومؤخرا حذرت منظمة العمل الدولية في تقريرها بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال من أن عددا مرتفعا هائلا من الأطفال يبلغ عددهم نحو 115 مليون طفل من أصل 215 مليون طفل عامل في العالم لا زالوا يعملون في أعمال وأنشطة خطيرة، مطالبة العالم بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل وقف هذه الممارسات. ما تنقلها لنا وسائل الإعلام عن هذه القضية قليل جدا؛ لأنها لا تصل إلى الأماكن التي يعمل بها هؤلاء الأطفال لتنقل قضاياهم، بل إن بعض الأطفال ممتنعون عن الحديث إلى هذه الوسائل حتى لا تتضرر الشركات الكبيرة العالمية التي تعرف جيدا بأنها ستواجه مشاكل في دولها في حالة اكتشاف أمرها بأن عددا كبيرا من الأطفال تم استتخدامها في الأنشطة التي تقوم بها. لكن التقارير الدولية تؤكد بأنه لا تمر دقيقة واحدة في اليوم إلا ويعاني فيها أحد الأطفال العاملين في مكان ما في العالم إما من حادث أو مرض أو صدمة نفسية من جراء العمل الذي يقوم به بسبب حاجة أهله إلى بعض تلك الدراهم. فتقرير منظمة العمل الدولي يلفت انتباه العالم إلى أنه رغم انخفاض العدد الإجمالي للأطفال في العمل الخطر الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 و17 عاما خلال الفترة (2004 إلى 2008) إلا أن عد?? الأطفا?? الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 سنة قد تزايد بنسبة 20% خلال نفس الفترة إذ ارتفع العدد من 52 إلى 62 مليون طفل، الأمر الذي يؤكد أن الشركات العابرة والأمية التي تعاني منها تلك الشعوب تساهم في زيادة عدد الأطفال الذين يدخلون إلى سوق العمل بطرق غير قانونية. وفي هذا الصدد يؤكد خوان سومافيا المدير العام لمنظمة العمل الدولية إلى أنه رغم التقدم الملموس المحرز خلال العقد الأخير في محاربة الحد من عمل الطفل، يظل عدد الأطفال الضالعين في العالم في الأعمال الخطيرة مرتفعا، طالبا من الحكومات ??أصحاب العمل والعمال أن يعملوا سوية بأبعاد الأطفال عن العمل في مهن خطيرة، بحيث يمكن للعالم عندئذ بوضع حد لعمل الأطفال. وهذا التحذير يأتي في التقرير الجديد للمنظمة بسبب النتائج التي توصلت إليها المنظمة، وهي أن وتيرة الجهود الرامية إلى القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال آخذة في التباطؤ، الأمر الذي يؤكد أن الشركات العابرة همها الأول هو تحقيق مزيد من الأرباح والنتائج المالية الممتازة على حساب مرض وموت الأطفال، في الوقت الذي يعبر التقرير عن القلق الذي يثيره احتمال “زيادة تقويض” الأزمة الاقتصادية العالمية للتقدم في اتجاه تحقيق هدف القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال بحلول العام 2016. فهذه الأزمات ستترك تأثيرات سلبية أخرى بحيث تحاول الشركات استغلال الإمكانات التي توفرها الدول الفقيرة للعمل في مجالات جديدة، وذلك باستتخدام الأطفال وغيرها من الفئات للتقليل من التكاليف التي تدفعها في الدول التي تراعي أنظمة العمل بصورة أكبر. الطفل مكانه الطبيعي أن يبقى في المدرسة حتى يصل عمره 18 عاما ليقوم بمهام العمل المطلوب. وهذا ما ينادي به تقرير منظمة العمل الدولية اليوم الذي دعا في نسخته الأخيرة إلى بذل جهود متجددة لضمان بقاء الأطفال في المدارس على الأقل حتى يبلغوا الحد الأدنى لسن العمل. موضحا إلى أن التعرض إلى المخاطر قد يكون له أثر شديد على الأطفال الذين يتواصل نمو أجسامهم وعقولهم على نحو متأخر خلال سنوات المراهقة. فهؤلاء الأطفال يعانون أيضا من طول ساعات العمل التي تؤدي منهم إلى زيادة خطر الإصابة على نحو ملحوظ، ويوجد أكبر عدد من الأطفال الذين يزاولون أعمالا خطرة في آسيا والمحيط الهادئ. ولكن أكبر نسبة من الأطفال الذين يزاولون أعمالا خطرة من أصل العدد الإجمالي للأطفال في المنطقة قد سُجِّلت في أفريقيا جنوب الصحراء، حيث تزداد حالات الفقر والحاجة إلى المال، حيث يوجد بين هؤلاء الأطفال عدد كبير من الفتيات بنسبة 40% فيما تصل نسبة الفتيان 60%. إن تقرير منظمة العمل الدولية يكشف بأن 173 دولة من بين الدول الأعضاء في المنظمة البالغ عددها 183 دولة التزمت حتى الآن بالتصدي على وجه ا??استعجال لمزاولة الأطفال للعمل الخطر عن طريق تصديقها على اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال، إلا أن هذه القضية مستمرة؛ لأن بعض الدول لا تسطيع إجبار الشركات؛ لأن المسؤولين الحكوميين يستفيدون منها بسبب الفساد والمحسوبية التي تنشأ نتيجة التلاعب على القرارات، وهذا ما يجب من المنظمات الدولية التركيز عليه وفضح أمر هذه المؤسسات التي تلعب بصحة الأطفال من أجل تحقيق أهداف مادية بحتة. haiderdawood@hotmail.com نقلا عن موقع الشبيبة العماني